2013/05/21

تغريدة السجين رقم 760


أنا المهندس محمدو ولد صلاحي .. الطالب الخلوق  صاحب الأرقام القياسية في التفوق .. أنا الذي  تفوقت في كل مراحلي الدراسية، وصاحب المرتبة الأولى في مسابقة منحة "فاك"  المنظمة سنة 1988 من طرف منظمة "كارل دويسبورغ" في المانيا،  أنا الذي درست في أعرق الجامعات الألمانية والكندية، تكبدت عناء الغربة في ريعان شبابي، حتى إذا تخرجت مليء الوفاض بالشهادات العلمية عدت إلى وطني ملبيا ندائه لأساهم في سد الهوة التي يعرفها على الصعيد التنموي، لكن جرت الرياح في الاتجاه المعاكس.  

 بقلم: ذ. أبو بكر حامد

استقبلني أصحاب "الأحذية الخشنة" أعداء الفكر أيا كان و المفكرين أينما وجدوا، من لا يقيمون للمواطنة أي اعتبار ... استقبلوني بنسج الأكاذيب التي أوحى بها لهم أوليائهم الشياطين .. أخذوا ثمن أكاذيبهم وراحوا يطفقون،  لقد كنت و الحقيقة اكبر ضحايا هذه  الحقبة السوداء من تاريخ بلدي المسكين الذي نهشته المصائب حتى لا يكاد يرى له سند إلا عليه يهور .

تحملت السجون الأردنية تحملت عذابات " باغرام " تحملت فراق الأهل ... لكن ما لم استطع تحمله هو ذلك الشعور الحزين الذي ينتابني عند ما استحضر أنني السجين الوحيد الذي سلمته دولته وأسلمه  وطنه  إلى غياهب اغونتنامو  نعم أنه شعور مرير يذكرني تلك المهزلة التي حاكتها إدارة الأمن الموريتانية بزعامة الرئيس اعل ولد محمد فال أبي الديموقراطية الوطنية ــ حقا إنها ديموقراطية فرية ــ  أيام كان مديرا للأمن الوطني،  وبإشراف وتنسيق مدير أمن الدولة حينها دداهي ولد عبد الله سيئ الصيت .

قصة تسليمي للأمريكيين يطول الحديث فيها طول ليالي "غونتنامو"، ومن تفاصيلها الغريبة  أنه بعد اعتقالي بسبعة أيام تم تسليمي للأمريكيين، لتتولى إدارة الأمن ممارسة عادتها في التضليل  محاولة أخفاء خبر تسليمي وهو ما نجحت فيه قرابة سنتين، حيث ظلت تقول للعائلة إنني بخير وسيطلق سراحي قريبا، بل إنها ظلت تأخذ الملابس على سبيل إيصالها لي،  لتفاجئ  الأسرة لا حقا  بالخبر اليقين.

  تلك المفاجئة التي عانت منها الوالدة رحمها الله كثيرا قبل أن تنتقل إلى الرفيق الأعلى وجروحها لما تندمل.
 " لك الله من مفجوعة بحبيبها *** قتيلة شوق غير ملحقها وصما "
                                                               (البيت)

  لقد رحلت أمي عن دنيا الظالمين حيث لا عدل ولا كرامة، وانتقلت إلى دار الخلود حيث العدالة في أبهى تجلياتها، حيث توضع الموازين القسط.

 لا  أدري من هو أول هؤلاء المجرمين لحاقا بالوالدة رحمها الله أمام المحكمة الإلهية، لكن أجزم أن الجميع سيقف هناك ويومها لن تغني عنهم أموالهم التي نهبوا من هذا الوطن الجريح ...ولن يشفع لهم أبناء هذه الأمة التي رموا في زنازين النسيان، عطشى للأهل للحرية، يشربون كأس الحرمان غصبا.

لن تغني عن هؤلاء المجرمين ـ الساكتين عن الحق وعن المطالبة بإطلاق سراحي وزملائي ـ لن تغني عنهم شهرتهم الدولية المكتسبة من موالاتهم للمغضوب عليهم والضاليين.

 مما يحز في القلب أن أطالع الأخبار الوطنية من وراء القضبان فإذا بهؤلاء المجرمين أصبحوا زعماء وطنيين حقا أنها بلاد السيبة حيث يتسد الأراذل.

أعجبني .. تعليق .. مشاركة  ..منذ 1 دقيقة .. من سجن غوانتنامو، بالقرب من  USA

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق