2012/12/04

استقالة وزير الصحة المصري (مقال)


(أعلن وزير النقل المصري محمد رشاد المتيني تقديم استقالته بعد قبوله استقالة رئيس هيئة السكة الحديد وتحويله للتحقيق.
     بقلم: عبد الله ولد أحمدو
ونقل التلفزيون المصري عن المتيني قوله إنه تضامنا مع مسئوليته السياسية كوزير للنقل أعلن تقديم استقالته لرئيس الجمهورية، وأمرت نيابة أسيوط العامة بالتحفظ على سائق قطار رقم "165" القادم من أسيوط إلي القاهرة وعامل المزلقان وسائق الحافلة المتسببين في حادث مقتل حوالي 40 تلميذا وإصابة نحو 12 آخرين، وانتقل فريق من النيابة العامة بأشراف المستشار عبد المجيد محمود النائب العام إلى المستشفيات لسؤال المصابين من الأطفال والوقوف على أسباب الحادث كما أمرت النيابة العامة بإرسال أشلاء الأطفال التي عثر عليها داخل الحافلة إلى الطب الشرعي وإجراء التحاليل للتعرف عليها).

قرأت هذا الخبر عدة مرات لكنني لم أستوعب الكثير من مفرداته كما أنني لم أستطع أن أتفهم هذا الفعل الجنوني بكل المقاييس الذي أقدم عليه شخص واع مثل سعادة الدكتور محمد رشاد المتنبي, فأفعال العقلاء كما تعلمون مصونة عن العبث, فكيف لعاقل حباه الله أن يختار من بين 80 مليون شخص ويشرف بمنصب سيادي في أول حكومة مصرية في مصر الجديدة ما بعد انتخاب فخامة الرئيس المصري، ويحظى بمقعد دائم في حكومة يتكالب الجميع على الحصول على مطرح إصبع فيها ثم يأتي بكل إرادته ويقدم (استقالته)؟ كيف للسانه أن يساعده في النطق بها وكيف لأنامله أن تطاوعه وهو يكتبها كيف لقلبه أن لا يتوقف عن النبض وهو يفكر فيها؟، ما علاقة شخص في منصب كبير مثل الوزير بحادث معزول في منطقة قصية من الوطن؟، كيف لوزير لديه الكثير من الملفات والمهام الوطنية والحزبية ويأتمر بأمره وينتهي بنهيه الألاف من الرجال والنساء الرشداء أن يترك كل ذلك وراء ظهره ويستقيل لمجرد أن صبية (ليس لديهم أي وزن انتخابي) عثر بهم باصهم الصغير في حادث روتيني قد يكون نانتجا عن خطإ في مكابح السيارة وهناك الكثير من الأطراف التي يمكنها أن تتحمل المسؤولية عنه (الشركة المصنعة للسيارة، أو الشركة المؤمنة أو السائق أو مالك السيارة أو الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)؟ وفي كل الاحتمالات فإن الوزير في مكتبه ومنصبه الوطني الرفيع بعيد كل البعد أن يلحقه من درنه شيئ من المسؤولية عن هذه الجزئية البسيطة. كيف للوزير أن يضحي بكل الامتيازات العينية والمعنوية التي يتمتع بها من أجل حادث عرضي أدى إلى موت أطفال إن لم يموتوا في حادث حافلة حتما سيموتون بغيره (فكل نفس ذائقة الموت) ومنصب وزير لا أحد يضمن العودة إليه؟.


قرأت الخبر عدة مرات وبقيت بعض مفرداته لم أعرف مدلولها لأنني لم يسبق أن سمعتها ومنها (أن الوزير استقال تضامنا مع مسؤوليته السياسية كوزير للنقل) فهي عبارة لم أسمع يها من قبل وأنا الذي لم يخرج من بلدي الحبيب موريتانيا لذلك أعتبرها لغة أجنبية أطلب منكم أن تعذروني في عدم التعليق عليها.


قرأت الخبر عدة مرات وانتابني خوف شديد من أن يصل إلى علم وزير الصحة المصري هو الآخر خبر (الصبية الذين كان (ملك الموت قد وكل بهم) وأمر أن يقبض أرواحهم وتصادف موتهم مع وجود فريق من وزارة الصحة يزاول مهامه الوطنية بجد وإخلاص، وكان قدرهم أن آخر رزق لهم في هذه الدنيا هو مصل كان سيقيهم من الحصباء في قابل أيامهم ولم ينتظروا أياما حتي يثبت المصل فاعليته في حمايتهم من ذالك الفيروس البغيض، أخشى أن يطالع وزير الصحة المصري الخبر ويقدم على فعل جنوني آخر كما فعل زميله من قبل والظرفية الحساسة التي تمر بها الحكومة المصرية لا تحتمل استقالة أي من الوزراء في هذا الوقت العصيب، كما أنني أخشى أن تطالع النيابة في أسيوط الخبر وتأمر بفتح تحقيق لا يسمح به الظرف الذي تمر به السلطة القضائية المصرية المصدومة حاليا إثر الإطاحة برأسها (النائب العام) والمنهمكة في إعادة التحقيق في أحداث الثورة وتحديد المسؤولية عن ضحاياها كما أن السلطة القضائية هناك منشغلة بموضوع آخر يتعلق برسم علاقتها بفخامة الرئيس المصري الجديد الذي رأوا أنه ربما يكون قد مس بقراراته من (مبدإ فصل السلطات ) الذي ظل الحصن المنيع للقضاء المصري ضد غطرسة السلطة التنفيذية.


أختم بالدعاء بالرحمة لكل لأطفال الذين جاءهم الأجل المحتوم وتصادفت لحظة وفاتهم مع حوادث روتينية (يظن ضعفة العقول أنها كانت سبب موتهم) لكن العقلاء يؤمنون بقول الله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ) وقوله (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ۗ) ون (من لم يمت بالسيف مات بغيره) فإنا لله وإنا إليه راجعون، أدعو الله أيضا أن لا يطالع المصريون من مواقعنا الاخبارية سوى موقع الوكالة الموريتانية للأنباء فهو الموقع الوحيد الذي (ولله الحمد) لا يوجد إلى حد الآن على صفحاتها الخبر المشؤوم الذي قد يؤدي -لا قدر الله- إلى استقالة (وزير الصحة المصري).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق