2013/05/07

معتقل بغوانتنامو: أكتب والأغلال تصفد معصمي ..!


  كلما تذكرت أن مواطنا موريتانيا يصفد في الأغلال منذ ازيد من عقد من الزمن دون أن يحرك المجتمع ساكنا أتخيل أني ذلك المواطن المسكين الذي تخلى عنه وطنه و اهله .. أتخيل مرارة المعتقل، مرارة فراق الأهل والأحبة: إني لأجبن عن فراق أحبتي ...

 بقلم: ذ. أبو بكر حامد

أتخيل أني ذلك المواطن المظلوم، أقف أمام العدالة  بنفس مكلومة، مزقها العذاب و أضناها الألم، في مشهد من مشاهد المحن، وموقف من مواقف الإبتلاء والتمحيص، في زمن انقلبت فيه المعايير وصار الجلاد بطلا يصول ويجول، في بلد تأرنبت أسوده..

أقف في حيرة من أمري، " أقلب طرفي حول رحلي فلا أرى..." ثم أرجع البصر كرتين لأتابع في شريط الذكرايات الذي يمر أمامي بالعرض البطيئ كيف لم أتعرف على أي قاض بصفته الرسمية ولم أمثل يوما أمام محكمة.. حتي أذا دخلت في الاربعين من عمري  قالوا ارهابي يجب التخلص منه.. لقد تنكرت لي الأيام حتى إنها لتضن علي بموت شريف:
" فإن كان يبغي قتلها يك قاتلا ---- بكفيه فقتل الشريف الشريف"

ومع أني راض بقضاء الله وقدره " ... إذا نلت منك الود فالكل هين --- وكل الذي فوق التراب تراب " 

إلا أني ساخط كل السخط من ظلمة سلموني لأعداء الأمة على طبق، بعد أن نسجوا حولي من الأباطيل ما يمكنهم من الحصول على الثمن الذي يريدون من سادتهم الأمركيين .. لقد اخرجوني مكبلا، ففارقت الحبيب بلا وداع وودعت البلاد بلا سلام .. ودعتها كما ودع المعري بغداد :

" اودعكم يا اهل بغداد والحشا
على زفرات ماينين من اللذع
وداع ضنا لم يستقل وانما
تحامل من بعد العثار على ظلع
فبئس البديل... " 

لقد سلموني إلى جحيم اغوانتنامو حيث لا قانون ولا أخلاق ولا إنسانية .. رحلت إلى ذلك الجحيم بإرادة  بلادي التى طالما ما افتخرت بها، تلك البلاد التي كرست حياتي خدمة لها ... بلاد عرفت بها في المحافل الأكاديمية أيام كان كان اعل ولد محمد فال يراكم ثروته بكل الطرق، أيام كان يسخر جيوش الشرطة الوطنية لجمع المال.. أيام  كانت تجبى إليه مائتا أوقية من كل سيارة أجرة.. أيام كان دداه ولد عبد الله يتبع عورات الناس، يلفق التهم لهذا، يبتز هذا .. رأى سادة هذه البلاد السائبة أن يقدموني قربانا لعلاقتهم مع إخوان الخنازير، معتصبي الأرض والعرض..  

سامحوني إذا بدى حديثي متأثرا ، ففي القلب جراح ثخينة لا يراد لها ان تلتئم، ولا أن تستقر لأنها تنكأ في كل لحظة مرة أو مرتين ..

 " رماني الدهر بالأرزاء حتى ----- فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام ----- تكسرت النصال على النصال "  

ثلاثة عشر عاما ذقت فيها من ضروب العذاب ما لم يخطر على قلب بشر.. لقد لقيت من العذاب ما لو قسم على أهل الأرض كان كفيلا بفنائهم، لا تقولوا كيف لم تمت؟                                 
  . فالأمر ليس بيدي كما قال المعتمد بن عباد .. فليتني خرجت من دنيا الأشرار                     
"  فلو أنه سهم واحد لتقيته ولكنه سهم وثان وثلاث ... "
مما يزيد من مرارة الموقف أن يأخذ المرأ بجريرة لا علم له بها، فلو كنت كما يصفون لهان الأمر علي ولكان لي   كلام آخر  ..  ولأنشدت مع أمري القيس ... إنما نحاول ملكا أو نموت ...
لكن عندما يقحم المرأ في قضية لا ناقة له فيها ولا جمل فلا حول ولا قوة إلا بالله
أنا ما أردت سوى الحياة عزيزة ---- أنا ما أردت سوى العقيدة مصدرا
أنا هكذا فهل الحياة جريمة؟  ---- أم أن حب الأرض اصبح منكرا
أعرف أن المعتصم ليس في هذه البلاد، لكن ما لم أكن أعرفه أن ينابيع الرحمة نضبت في قلوب هذا المجتمع لدرجة أن صار المرأ ياكل أخاه ... قضية تعاقبت عليها عدة انظمة كل واحد منها يدعي نسخ سابقه، إلا أن القاسم المشترك بينها هو تجاهل هذه المأساة  .. للمرء أن يتصور كم هي قاسية قلوب حكام انواكشوط .. كيف لايقومون بواجباتهم ...  كيف لا يرحمون مواطنيهم؟   
في الحديث أن بغيا من بني إسرائيل دخلت الجنة بسبب كلب سقته فتقبل الله منها فغفر  لها، أليس في هذا المجتمع مثل بغي بني إسرائيل ؟
لك الله أيتها الشهامة ... لك الله من مفجوعة بحبيبها ...   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق