2013/06/06

حديث الناس .. ثرثرة حول السموم و السمسرة (مقال) محمد ولد اماه


في بلادنا العجيبة الغريبة، حدث الكثير من الألاعيب و الأعاجيب وما زال، وفيه ما يقال ومما لا يقال، ومما يقال منه، أن بلادنا هي بلاد المنكب البرزخي، وهي من قبل بلاد تكرور، التي دعيت يوما ببلاد شنقيط، فسعدت بالتسمية وبتاريخها الأسعد، ومن قبل أن تسلمها السيبة العارمة والعامة تلك، والتي صارت لها علما وعليها سمة،..
.. إلي أيدي الأغراب باكورة القرن الرابع عشر الهجري 1320هـ، أغراب ودخلاء يؤمهم النصراني والأفاك كزافيي كبولاني 1903 رومية، وإذ ستصير بلاد المليون شاعر، وكما عرفها بعض المشارقه " موريتانيا "، المستعمرة المستجدة في تاج الإمبراطورية الإستعمارية الفرنسية المتغطرسة، وهي يومئذ، في أوج جبروتها وقوتها في ذالك الوقت.

مشروع ومستعمرة واجتياح، فرح به من فرح، وسر به من سر، وسيطر به من سيطروا، وغر به من اغتروا، ثم تطاول به من تطاول، من رماة غرباء، أو متعاونين متهالكين، ثم جاء من وضعوا أيديهم ومصائرهم و الناس، ومن أول وهلة، في أيدي النصارى، و الكافر كبولاني في المقدمة، ومن في ظهوره الأول... ثم ركنوا إلي قوة الإحتلال ومن والاها، وقد أخذوا الثمن العين.


وكان هناك من فاجأهم ما تم، وقد فجعوا بالغزو الجديد وتبعاته في ذالك الوقت.... ثم كان هناك من قاوموا وتصدوا وجاهدوا، وبلأموال والأنفس، إن بالكلمة أو بالسيف أو بهما معا... وكنا فيهم ومنهم، وبكل اعتزاز وفخر. وضمن هذه المقالة سنسوق بعض الأمثلة، ومن ضمن ما بالمستطاع قوله، إذ كان هناك أبن مايابا، وكان هناك أحمد ولد عميره، وسيد أحمد الأمير الشهيد، و الشريف سيدي الصغير، وبكار شيخ الشيوخ، والأمير المظفر ابن الديد، وآخرين يتلوهم آخرون... وإلي أن نلنا ما نبتغيه من الحرية المستحقة، وتحقق النصر المبين.

ومما يقول ابن مايابا في هذا المعني، أحد أئمة الجهاد في هذه البلاد العظيمة، بشعرائها وقادتها، وعلمائها، وكتابها الأماجد، وهو في حوار له مع سيديا بابا :

مني إلي من في حمي المكبل ـــــ من كركل لما وراء العقل
أعذيكم بالله من فضيحة الد ــــــــ نيا ومن رأيكم المفيل
لاتشتروا دنية بدينكم ــــ لم يرضها غير الدني الأرذل
ترجون أمن الكافرين ــــــ بعدما نفاه نص المحكم المنزل


وإلي أن يقول :


هيهات أن يومن كافر وهل ــــ ترجو سخال الضأن أمن الجيأل



كانت تلك رؤية سابقة لابن مايابا، وفي ذالك الوقت المبكر من تاريخ بلادنا، وتاريخ بلادنا الوضاء يسجل وبأحرف من ذهب، بل من نار ونور، كيفية التخلص الموفق من رئيس القتلة، كزافي كبولاني، ليلقي مصيرا مشؤوما ومحتوما، وفي تجكجة بالذات، مساء 12 مايو 1905 ، وهو يومئذ في حماية ما ينيف علي 700 جندي (سبع مئة جندي) من قواته الجبانة، ما بين غاز فرنسي، ومرتزق من رماة سنغاليين أفارقة، أو متعاونين محليين ومأجورين، إذ كان قائد الغزو كبولاني الهالك، في قلب أحد أهم وأضخم قواعده العسكرية المحصنة، عدة وعتادا، في ذالك الوقت، وخلافا لما يردده بعض المؤرخين والكتاب، وإما عن عمد و سوء نية، أو عن جهل وعدم دراية كافية، إذ يصفون ميتته المهينة بتلك المدينة التاريخية العظيمة، علي يد المجاهدين الأشاوس، مساء ذالك اليوم الخالد، بعملية الإغتيال، وكأن كبولاني قتل أثناء مشوار له بأحد شوارع جزيرة "كورسكا" موطنه الأصلي، كما جرت العادة، وإذ أن قتل المعني لم يكن اغتيالا أبدا assassinat وإنما كان موته موت معتد آثم، وفي مواجهة عسكرية مباشرة، وحامية الوطيس، مواجهة اتسم فيها المجاهدون

الأولون بالشجاعة ورباطة الجأش، وبالجرأة ثم بالإيمان العميق، ومن جهة العدو وقواته المحتلة وكبولاني ومرتزقته وجنده، بالجبن والخيبة والخسران والهلع.


ومما لا ريب فيه ولاغرابة ثمة عليه، وليس فيه من مقال يعلم، أن موريتانيا وهي المستعمرة الفرنسية السابقة وقد صارت دولة مستقلة 1960م، منح الله أهلها ليلة ئذ، أحد رجالات التاريخ الأفذاذ، وهو المختار ولد داداه، الرئيس الأسبق، ورجل الدولة الفريد من شكله، فنعمة الآثار أثار الرجل إذن.
ورغم أن الرجل الفذ الآنف الذكر، أدار دفة بلده الناشئ بما تيسر من أبناء مدرسة الترجمان " أماليز "، وهو كان أحدهم، ثم من رماة لاحقين وسابقين، إلا أنه كان وأثناء ذالك يصنع تاريخا ناصعا، وينشئ دولة حديثة، ومن العدم تقريبا. فالمختار، كان يمتلك مشروعا حقيقيا نابضا وحيا، فلم يكن الرجل في يوم بمنأى عن المشاكل والعراقيل، فكان من تعامل مع سني القحط والجفاف، وأنواع الإطرابات السياسية، وحتي الحرب ... وكان حاكما ورئيسا لشعب بدوي وريفي، مازال يحبوا وهو في أطوار البداوة الأولي، صعب المراسي، والانقياد.


إلا أنه ومنذ لإطاحة بالرجل ولد داداه 1978 ، آثر العساكر الذين أتوا من بعده، وليأتوا علي الأخضر واليابس، ومن ولد السالك ـ وعفا الله عنه ـ إلي ولد عبد العزيز، ومرورا بعقدي ولد الطايع المريرين، ـ ثم إلي غياب الضمير وكليا ما آثروا من التسيب والسلب والنهب والتلاعب، وإلي الافتقار إلي أدني إحساس بالمصلحة العامة.

فاليوم و مع الأسف وفي أيام ولد عبد العزيز وهو من يدعي أنه رئيس " الفقراء"، صارت الأمور إلي حال ليس بإمكانك فيه أن تنام أو تصحو، ولا إلي أن تذهب إلي سوقك أو مسجدك أو مدرستك، إلا علي حديث أو ثرثرة ما، وعن شيئين اثنين، السموم والذهب، وفنون السمسرة المتنوعة، ومن سمسرة الذهب وشركاته الكبرى بإنشيري، ومن أم اكرين إلي تازيازت، إلي سمسرة الكوكايين وجماعاته وعرابيه.
ولك عبرة في أحاديث كولمبيا وتسجيلات غانا، وقنب شمال المملكة و بالجوار القريب، ودون أن نغفل سمسرة الإدارات والوزارات والشركات الحكومية العمومية والموانئ البحرية، والطرق ومصالح الخزانة والجمارك، وهلم جرا.

فهذا حديث ساخن عن السيدة كومبابا، الموظفة السامية السابقة، وآخر عن ولد الهيبه، ولا يفتر حديث الناس عن ابن غده، وقربه الشديد، وقرابته ونفوذه الغير مبرر، وعن أبواب الإدارات الحكومية المشرعة له والموصدة عن غيره، وتلك ثرثرة جديدة عن افيل ولد اللهاه، وأخري عن ولد التومي، وعن قرابة هذا وذاك، وسمسرات هذا وتلك.

وليست كل السمسرة محصورة فيما ذكر، ولا كل الفساد، فالبلد أصبح أو يكاد، بلد العمولات، والسمسرات، وحتي السرقات الكبرى والصغرى، وربما بامتياز، وليست سرقات أموال الجيش الوطني الحديثة منا ببعيد، وهكذا صرنا علي ما نحن عليه في طرفة عين . ولاحول ولا قوة إلا بالله


وأظن أن علي وزير الإعلامي الحالي، وهو الناطق الرسمي باسم الحكومة، وليكون صادقا مع نفسه ومع الناس، أن يعلنها بلدا مشاعا للسمسرة و النفايات، ومن دون مواربة، وكذالك لبيع النفوذ أيضا، وعن غير وجه حق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق