2013/05/15

بين التجارة والإمارة (مقال)


استبشر بعض  المواطنين الموريتانين كثيرا بالوعود التي أطلقها  محمد ولد عبد العزيز منذ استيلائه على السلطة قبل أكثر من أربعة أعوام،إلا أنهم بدأو مؤخرا يكتشفون زيفها وعدم صدقيتها، بعد أن كانت من المسلمات بالنسبة لهم، وكانوا يتهمون كل الذين  يشككون في صدقيتها ويصفونهم " بأصحاب المعارضة ".

بقلم: ذ.محمد سالم أبوبكر

أما اليوم وبعد أن زال القناع و كشف "الجنرال " عن وجهه الحقيقي ،وعن نواياه المبيتة، تبين أن تلك الوعود التي أطلقها ليست سوى وعود زائفة،امتطاها من أجل تلبية رغبة دفينة في نفسه هي حب الإمارة،وهوحلم طالما راوده منذ أمد بعيد،وذلك ماجعل  كثيرا من أولئك الذين كانوا يهتفون ــ حتى وقت قريب ــ   " عاش رئيس الفقراء "    أو " كلنا عزيز" في موقف محرج، حاول البعض التغلب عليه و "التمظهر" كأن شيئا لم يقع ،فيما بقي البعض الأخر على مفترق طرق بين قطبي المعارضة والموالاة،إلا أنه حسم أمره بشأن "عزيز" وبات بالنسبة إليه من الماضي.
لماذا كل ذلك  وهم الذين كانوا ينافحون عنه صباح مساء ؟

إن الناس أصبحوا على مستوى من الاطلاع والمتابعة للقضايا السياسية والعامة،بحث لاتنطلي عليهم الحيل والمغالطات ،وباتوا يميزون جيدا بين الحقيقي  بالفعل وبين ماهو موجود على الورق فقط ،أوفي قاموس الحكومات " فعلتُ ".

كل المشاريع التي يتغنى بها النظام وحلفاءه اليوم،ويشهرونها سلاحا في وجه دعاة الإصلاح لاتتعدى نوعين،إما أنها مشاريع يتولى فخامة " القيادة الوطنية " مقاولتها،أوأخرى كان من حق الشعب الموريتاني أن يحصل عليها قبل عشرات السنين، وهي من مخلفات الأنظمة البائدة كما يقول " التصحيحيون " ولا داعي للمسوغات التي جعلتهم ينفذونها.

صحيح أن " عزيز " قام بإعادة تأهيل بعض الطرق داخل العاصمة،تأهيلا    "جيدا"،أحسن بكثيرمن تلك البقايا الصلبة المترسبة التي عجزت الجرافات عن إزاحتها بسرعة،لكن مقاولة تلك الطرق في جيب أمير المؤمنين،وحامي حمى المسلمين ، ــ دام ظله ــ جامع الخصلتين اللتين لم يجمعهما أحد قبله ولابعده  " التجارة والإمارة ".

صحيح أن " عزيز " أنشأ دكاكين أمل التي لم تكن لأحد من العا لمين قبله، لكن أين الميزانيات الضخمة المرصودة لتلك العملية،من صاع من أسوإ أصناف " مكرونة" لا يسمن ولا يغني من جوع ،أوكيلا من أسوإأنواع الأرز،  من تلبية حاجة أسرة فقيرة ذات دخل محدود .... ثم ماذا عن استمرار العملية التي يتشدق بها ومسيرووها يحتجون بالأمس من أجل تغيير وضعيتهم،والحصول على متأخرات السنة الماضية التي لم تدفع حتى اللحظة.

صحيح أن " عزيز " قام بتقسيم بعض القطع الأرضية  على بعض المواطنين،لكن  الوثائق الموجودة أكدت أن الأسرة الحاكمة  وكل من يمت إليها بصلة  حصلوا على نصيب الأسد من ذلك، لاسيما في المناطق الغالية في "تفرغ زينة "، والمواطنون البسطاء يتقاتلون في أحياء الترحيل.

صحيح أيضا أنه  قام بتصفية بوعماتو بعد أن حاول مزاحمته بالمناكب في الأعمال التجارية التي كان يقيمها وتنكر لجميله أو " تناساه "،بعد أن اكتشف الا شيئ أحلى من الجمع بين الضرتين " التجارة والإمارة " .

خلاصة القول ـ بلا مزايدة ـ أن الشعب الموريتاني اكتشف أن كل الشعارات التي كانت الفخامة الوطنية ترددها،هي شعارات جوفاء فارغة المحتوى، وأنهم  ملوا من ترديد تلك الشعارات الممجوجة التي ألفتها الأذان، وأنهم أكتشفوا أن العسكريين لايصلحون إلا لما يوكل إليهم من مهام عسكرية،بله الرئاسة وقيادة الأمم  ... وأنهم اكتشفوا أيضا أنه من الصعب على " عسكري في ثوب مدني "  الوفاء  بشيئ تعهد به،سيما من يجمع  بين وظائف وأعمال كثيرة أبرزها التجارة والإمارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق