2014/02/16

رسالة الي وزير (ة) الثقافة

ربما تصلح هذه الرسالة لكل وزير (ة) ثقافة. في كل زمان. وحتي ربما في كل مكان. سيدي (دتي): أنا أعلم جيدا أنك قبل كل شيء موظف حكومي. وأعلم أنك في أغلب الحالات جزء من فريق أغلبية سياسية رؤيتها وبرنامجا موحد.

بقلم: عبد الرحمن أحمد سالم ـ مواطن 
رئيس دار السينمائيين الموريتانيين
وأعلم أنك عينت - بغض النظر عن كفاءاتك - لاعتبارات حزبية. أو جهوية. أو طائفية. أو اجتماعية. أو عقدية. أو إنتخابية محضة. وأعلم أنك - في أكثر الحالات - يهمك ذاك التعيين، لكنك ربما كنت تريد قطاعا آخر. أو لافرق عندك بين هذا القطاع او ذاك. وأعلم انك - في كل الحالات - لست متاكدا من فترة اقامتك في مقعد الثقافة. او لنقل في مقعد الوزير بشكل عام. اعرف ايضا انك لست قادما من فراغ. فانت مثقف بطبيعتك. ومواطن بطبيعتك. وسياسي بطبيعتك. وانك - وهذا تحصيل حاصل - لديك افكارك وآراؤك. اعرف ايضا انك أحسن من الكثيرين من زملائك في "الفصل الوزاري". اعرف أيضا أنك بطبيعتك كانسان تحب أن تترك أثرا حيث تمر. وغالبا ما تعتبر أثرك إيجابيا ككل واحد منا نحن البشر. أو تجد مبررا لفشلك (خارجا عن إرادتك). أعرف أيضا انك لست مستعدا لتحمل إرث سلبي خلفه سلفك مهما كانت مبرراته ومهما كانت علاقتك به. اعرف ايضا انك لن تعامل كل فريقك بحسن نواياهم. وأن في ذهنك اشخاصا تثق بهم اخلاقيا او مهنيا او هما الاثنين. نعم. هذا جزء مما اعرفه وتعرفه وربما نحن متفقون عليه. لذلك فكرت في تذكيرك بأشياء عامة، قد تحتاج تذكرها كلما دخلت مكتبك. وكلما مسكت قلمك لتخط توقيعك. وكلما داعبت يدك المكرفون وانت تهم بالكلام.

أما بعد، فإنك جئت الي قطاع يصنف - جهلا - بالفقير. ويرتب - سياسيا - في المؤجل. ويستغل - انتخابيا - للتدليس. لكنه في واقع الامر براء من كل هذا. وبعيد كل البعد من تلك الاوصاف. فهو قطاع الثروة التي لاتنضب تحت اي تاثير مناخي. وعملة لاتتاثر سلبا باي مداولات. وهو علي مر التاريخ محور الصراع. ورمز الغلبة. وبساط التوسع والتملك والاعمار. قطاعك هذا به من اصناف البشر. واختلاف الاراء. وتباين المشارب. وتعدد الاختصاصات. ما لا تتصور. قطاعك هذا به من مكامن الثراء ومصادر الاشعاع ما لا يحصي. قطاعك هذا به من التنوع مايربك. التنوع الثقافي، التنوع الاجتماعي، التنوع الاقتصادي، التنوع الصناعي، التنوع العقدي، التنوع الاخلاقي. التنوع تارة لمجرد التنوع. قطاعك هذا عليه من الآمال حمل ثقيل. أمل المبدع وحده يكفي. أمل الرسام والكاتب والشاعر والمخرج والممثل والراقص والمغني والباحث والناشر والمصور والمهندس والمؤرخ والرحالة والمزخرف والمصمم والخياط والحكواتي والنحات والقصاص والمترجم والمكتباتي والخطاط.... لايتسع المقام لبقية اللائحة. والتي تزداد يوميا باكتشاف معارف جديدة.
لن تحقق آمال الكل مهما كان حسن نيتك وطول مقامك وتوفر الوسائل لك. ولن تنجو من التصنيف مهما كان عدلك. ولن تنال ثقة الحاكم المطلقة. حتي لو كنت هو. فهو كما تعلم (لامدخل ولامخرج) لكن ثمة أشياء جد بسيطة. ان قمت بها ارضيت ضميرا سيظل يرافقك. يأنبك أو يهنأك.
- استمع الي الكل. بغض النظر عن مشاربهم السياسية والعقدية والاجتماعية. وأنت تستمع تخلص من عقدة المقعد وانزل او اصعد الي مستوي محاورك.
- تحدث من قلبك. لا أحد باستطاعته خديعة أحد. انما هناك من اذا خادعته انخدع. لذلك تحدث بصدق عن ماتنوي وماتفعل. قد يصغر فعلك في عينك. لكن شخصك سيكبر في عيون الغير. ولن تضطر غدا الي مبررات واهية.
- أسس فريقا. لن تخدم نفسك ولاحزبك ولاحكومتك ولا أمتك بمفردك. خذ الوقت لتشكيل فريق يشد عضدك. انهم هنا. كانوا هنا قبل ان تأتي. وربما يبقون بعد ان تغادر. وفيهم الخيرون الصالحون المؤمنون بمهنتهم. لكن الاهمال وتعاقب الوزراء وتلقي الصدمات قتل فيهم حب العمل وحولهم الي اصنام. استمع اليهم. كلفهم. ثق بهم ماداموا محل ثقة. ودع لهم العنان. احمهم فهم جسدك. لاتميز بينهم في الاحسان ولا في العقاب. لاتحشر نفسك في عملهم ومسؤلياتهم. ليسوا ابنائك هم فريقك وهم مصلحون مالم يثبت العكس. وحين يثبت العكس. لا تتأخر فكما حميت حقوقهم بما يستحقون انزل عليهم عقابك بمايستحقون.
- صارح شركائك
بقية عناصر جسدك هم شركاؤك، المجتمع الثقافي المدني. أنت وقطاعك هنا من أجله. مهمتك الرعاية والاحتضان. ومهمته الاشعاع والابداع. هو من يقدم الأمة لنفسها بفسيفسائها. وهو من يقدم الأمة للاخر بصورتها المنصهرة. هو من لايوقف الدوام. في الوقت الذي يحسب قطاعك عمله بساعات دوام محدودة. هو من لاينتظر لبرمجة عطائه حلول سنة مالية. هو من يقف في وسط الملعب. وعند المرمي. وفي الركنية. وعند حدود الملعب. هو من يجالس الوان واصوات وصمت الأمة. يتغذي منه ويستلهم ليقدم الحلول والاجابة. هو من يستمد اجندته السياسية والانتخابية من مطلب جماهيري دائم. هو من تحرر من عقدة الجدران الاربعة. والراتب الشهري. واطلق العنان لابداعه وعمله. هذا الشريك يحتاج منك مصارحة ومكاشفة. استمع اليه كما لم تستمع في حياتك من قبل. صارحه بنواياك. ابلغه برنامجك. اكشف له حساباتك. ثم خذ منه ماتشاء فهو معين لاينضب. ومحارب لايكل. وصديق لايخون.
بما أنها مجرد رسالة. فلن اتمكن من كتابة كل التفاصيل.
كما طلبت منك ارضاء ضميرك. اظن اني ارضيت ضميري بكلامي هذا.
تذكير... الوزارة في العالم الثالث والثاني. وربما كل العوالم. هي نهاية حياة سياسية وادارية. فكر في ان تختم مسيرتك بالاصلح. فالبقاء له كما تعلم. بالتوفيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق